Tuesday 29 September 2015

لست أدرى

أحاول أن أعيش. أستيقظ يوميا على أمل ان اجد شيئا جديدا ياتى ببشرى الفرج و الخير. أحاول جاهدة أن امتطى خيالى و أتشبث بسرج التوكل على الله حتى أنطلق إلى ذلك الحلم المجهول الذى طالما تمنيته. لم أتمناه لى وحدى بل لكل من هم حولى: أعدائى قبل أحبابى. كم تمنيت اليسر و العزة لغيرى و حلمت بعالم يخلو من الضعف و الهزال. لم يسعدنى يوما أن يكون عدوى ضعيفا، بل لطالما تمنيت أعدائى أقوياء. ذلك حينما صار لى أعداء. على كبر صرت متأكدة تمام التأكد انه كان و مازال لى أعداء.. احساس مقيت ان تعرف ان هناك من لا يتمنى لك الخير لمجرد انك انت. لمجرد انك موجود. لمجرد انك تتنفس و تحيا بينهم. لم اتخيل ذلك و لكنى رأيته بأم عينى و أصبحت شاهد عيان عليه معى و مع غيرى. و ليس ذلك فحسب و لكن راقبت فى نفسى أحيانا بعض ملامح من ذلك الحقد فوأدته و ايقنت حينها ان النفس البشرية ماهى الا وحش يتغلف بثياب ملائكية و من سمح لوحشه الداخلى ان يتنمر عليه و ان يشطح عن حدود المنطق و الانسانية فهو هالك لا محالة.
استيقظت فى منتصف الليل بعد نوم نهارى طويل غير مريح  و موجع للجسد. و فى هدوء الليل و سكونه التمست سكينتى الداخلية. تحدثت مع صديق عزيز و تناقشنا فى مواضيع شتى. سعدت بالحديث و أحسست بثراء قد انسكب الى داخل روحى. دوما أحببت مثل تلك النقاشات و المناظرات حتى و ان وصلت لدرجة الجدال. و لكن هدوء الليل صبغ على النقاش تلك المرة صفاءا و  ارتكازا جعل من ذلك الوقت نعمة حمدت الله عليها. ثم انتهى وقتها. ذهبت بعدها لأتناول أحد الكتب فى مكتبتى الصغيرة بالقراءة و الدرس. وقع تحت يدى كتاب انجليزى عن السياسة فى انجلترا.. كتاب قديم قد نشر فى يونيو من عام 1981.. نفس العام الذى ولدت فيه و لكن الكتاب كان قد سبقنى الى الحياة بقرابة شهر. نعم! ذلك الكتاب ولد قبلى و اغلب الظن انه سيعيش بعدى سنوات عدة. فكرت أكثر من مرة أن أؤلف كتابا، فى اى شئ و عن اى شئ. لكن، لم أشعر أبدا ان فى مقدورى هذا الامر. نهى تؤلف كتابا! و يبقى اسمى و يبقى ذكرى بين الناس حتى بعد ان اموت؟ هذا أمر جلل يستحق الاستعداد و الترتيب و التجهيز. فهل حدث ابدا ان سلكت تلك السبل و شرعت جديا فى هذا الشئ؟ لا. هل خوفى من الفشل هو السبب؟ ام اننى لا املك القدرة على استكمال شئ بدأته؟ ام هى عدم الثقة اللعينة فى اسلوبى الادبى و مفرداتى و لغتى العربية، لغتى الأم، التى خربتها على اللغة الانجليزية التى أحببتها و أحببت دراستها و دراسة أدبها و رموزها؟؟؟ و هل تلك الركاكة و ذلك الاضمحلال عائق حقيقى يمنعنى عن التعبير عما يجول بخاطرى ام اننى اتلمس داخلى اى عذر يمنعنى من تحقيق هدف من اهدافى بسبب شيطان لعين يلهو بتفكيرى و يبث سمه داخل عقلى فيكدر صفو أحلامى و يفنى طموحى بالخلود بين أسطر كتاب أتركه من بعدى؟

لست أدرى. انها طلاسمى التى شابهت طلاسم إيليا أبو ماضى شاعر المهجر المتمكن صاحب الدواوين و الأسطر الذهبية ..أتساءل بينى و بين ذاتى كيف كانت لحظته الفاصلة التى قرر بعدها ان يهزم خوفه فيكتب؟ ثم يهزم أشباحه فينشر ما كتب؟ هل عانى كل من كتبوا مثل تلك المعاناة؟ انها لحظة اتخاذ قرار الكتابة. لحظة غريبة انها ليست أول مرة أكتب فيها شعر او خواطر او مقالات و لكها حتما أول مرة اكتب دون ان اراجع أفكارى. تركت يدى على لوحة المفاتيح  تسطر ما شاءت و ما أرادت. لن اصحح و لن اراجع حتى اخطائى الاملائية. ساتركها حتى أضحك عليها عندما اتصفح مدونتى بين الحين و الآخر.


نهى حجاج
30 سبتمبر 
2015

ملحوظة: عذرا!! لم تطاوعنى نفسى ان اترك الاخطاء الإملائية التى لمحتها. و لكنى تركت الأفكار كما هى.