Monday 17 October 2016

التغيير و حرية الرأى

قاعدة اتفرج على ستاند أب كوميدى لصاحبة برنامج التوك شو الكوميديانة الأمريكية الشهيرة  "إلين ديجينيريس" اسمه "البداية"
عجبنى جدا فى الكلام اللى قالته حاجات كتير. اتكلمت عن حقوق الانسان و الحيوان فى المجمل بشكل كوميدى مبهر. هى لماحة و ذكية جدا و صاحبة حضور طاغى و دايما بتعرف تجمِل اى حاجة هى عايزة تقولها بسخريتها المستساغة للكل تقريبا.
معروف عن إيلين انها من أكبر المدافعين عن حقوق الشواذ فى أمريكا و فى العالم كله. و لو كلمة الشواذ بتضايق حد يبقى خلينا نقول " أصحاب الهوية/الميول الجنسية المختلفة" هى ذات نفسها ذات ميول مختلفة و كشفت ده للناس من سنين و حاليا هى متزوجة من امرأة جميلة اسمها "بورشا" عارضة أزياء أسترالية و عايشين أسعد أيام حياتهم.
كل اللى فات ده مقدمة لنقطة محددة لفتت انتباهى فى كلام "إيلين". هى فى وسط كلام كتير أوى اتكلمت عن حرية التعبير عن الرأى. و هى شخصيا شايفة ان مثلا البشر اللى لهم ميول جنسية لإقامة علاقات من النوع ده مع "الحيوانات" مرفوضين و بتعتبرهم يشكل ضمنى، يفهمه كل اللى بيشوف تعليقاتها عنهم، انهم مجانين. و اعتقد هى بتتكلم عن ده ردا على المهاجمين لها و لباقى الشواذ. ناس كتير من اللى ضد "اختلاف الهوية الجنسية" بيقولوا "لو سمحنا ووافقنا و باركنا ان المثليين يعيشوا فى سلام و خالفنا بكده معتقداتنا الدينية و النزعة الانسانية الفطرية فا مش بعيد كمان كام سنة المجانين اللى بيقيموا علاقات جنسية مع الحيوانات يطالبوا هم كمان بحقوق الزواج من حيواناتهم مثلا او تقنين النوع ده من الجنس و بكده هتبقى الدنيا رايحة فى داهية وش.
إيلين علشان تأكد ان هويتها الجنسية لا تعنى بالضرورة انها مجنونة دخلت كلامها عن الموضوع ده بذكاء شديد فى كلامها و افصحت انها ضد العلاقات الجنسية بين البشر و الحيوانات. و فى إطار انها قالت رأيها فى النقطة دى تحديدا دافعت عن كل أصحاب الرأى اللى هى – مش لوحدها طبعا- شايفة ان من حقهم يبدوا رأيهم ده فى أى شئ بيعجبهم أو مايعجبهمش. نفس الرأى اللى هى و غيرها ممكن يكونوا رفضوه لما اعترضوا على كون إيلين و غيرها "مثليون".
انا كل اللى يهمنى فعلا فى الحوار ده فكرة ان هل فعلا من حقنا نقول رأينا أو نظهر فرحتنا أو امتعاضنا لما نشوف حاجة بتمر علينا فى حياتنا – حتى لو مرور عابر- و تركت أثر معين فى نفسنا؟؟؟
هل من حقى لو مش عاجبنى فكرة الشذوذ –بأى نوع أو بكل أنواعه- انى ارفضه و اعلن ده؟
هل من حقى اعترض و اشجب لو حسيت ان نظام سياسى فى بلدى مش ماشى صح؟
هل من حقى انى لو فيه حاجة فى ديانتى شايفة ان فيه ناس فسرتها على هواها و هوى من يحكمهم انى  اقول انى شايفة تفسير تانى لها؟
هل من حقى لو شوفت واحدة او واحدة حلوين اقول كده؟ و العكس؟
هل من حقى لو فى حفلة سمعت حد بيغنى و صوته مش حلو انى امشى و ما اكملش اللى بسمعه؟
هل من حقى انى اعجب بشخصية مشهورة ما، لها ميول سياسية او دينية او جنسية مختلفة عن المألوف و المقبول فى مجتمعى؟
طيب هل من حقى أرفض و أنبذ شخصية مشهورة ما، لها ميول سياسية او دينية او جنسية متفقة مع المألوف و المقبول فى مجتمعى بس مش متوافقة معايا انا شخصياً؟

علشان مانحترش كتير... انا شخصيا شايفة ان الاجابة عن الاسئلة دى و غيرها نسبية جدا.
و كلمة "إيلين ديجينيريس" نقدر نقول انها وسعت منها أوى لما قالت ان كل واحد من حقه يقول رأيه و أعتقد انها بتتكلم على المبدأ بشكله المجرد... حرية الرأى المطلقة اللى المنطق ممكن يقبلها الى حد كبير لكن الرب و مخلوقاته ممكن مايتقبلوهاش لان دايما كل رأى له راى آخر. و كل شئ له ضد أو نظير. و اللى بيحدد أى من الشيئين هو المقبول هو صاحب الشأن. بمعنى انى لو مثلا بقول ان مش عاجبنى فكرة ان سكان سكوتلندا من الرجال بيلبسوا جيبة كزى وطنى لهم... لو قلت كده لشخص سكوتلندى بمنتهى البساطة ممكن – و حقه- يقولى "انتى مالك؟ دى حاجة بتبسطنا احنا و عاجبانا و احنا اللى عايشين هناك مش انتى و احنا اللى بنلبس الجيبات مش انتى و احنا اللى بنشوف الناس اللى بيلبسوها قدام عنينا مش صورة فى مجلة او كتاب او تليفزيون زى ما انتى بتشوفيها و مفيش عندنا اى مشكلة"
صاحب الشئ او القيمة هو اللى بيحدد اذا كان مقبول رأيك و لا مرفوض. حقه. فأنت حر مالم تضر. و من حكم فى ماله ما ظلم.
لكن لو فيه ضرر... ايه اللى المفروض يحصل؟
لو اتكلمنا عن "المثليين" على سبيل المثال او "اللاجنسيين" -  اللى هم الناس اللى مالهاش أى ميول جنسية برغم سلامتهم الجسدية  و ممكن نقول النفسية كمان لعدم تأكدنا من النقطة دى- هل احنا كناس بنرفض او نقبل الموضوع ده من حقنا نعمل كده؟ من حقنا نقول لشخص غيرنا برافو انك "مثلى" او "لعنة الله عليك"؟؟؟
طيب لو انا واحدة شايفة ان "المثليين" او "اللاجنسيين" فيه خطر معنوى هيترتب على أفكارهم و ممارساتهم ... ممكن مايقعش عليا انا –شخصيا- فى الوقت الحالى الضرر ده، لكن قطعا ممكن يقع على أجيال قادمة من البشر فى أوقات لاحقة، هل ساعتها ممكن يتقبل اعتراضى؟؟ و مش بس كده... هل ممكن يكون فيه رد فعل يساند رأيى؟
أغلب الحركات الثورية السياسية و الفكرية كانت بتعارض أفكار و ثوابت مترسخة عن الناس فى زمن ما. و الرائج و اللى بيتعمل له بروباجندا على اعلى مستوى هو فكرة ان كان فيه ثوابت هبت عليها رياح التغيير المنبوذة لكن التغيير سيطر و طلع هو الكويس. ابسط مثال لحاجة زى دى هى فكرة الاختراعات الحديثة. وقت اختراع السيارات او التلغراف او التليفون... فيه ناس كانت ضد الموضوع بشدة.. و ناس اعتبرته من عمل الجان زى اهل الحجاز فى فترة الأربعينيات و الخمسينيات.. فكرة النضافة الشخصية و التعقيم اللى كانت بتعتبر "دنس" – اى و الله- عند اهل اوروبا و خاصة الانجليز فى عصور الظلمات و الناس ماكانتش متقبلاها لحد ما واحدة واحدة بدأوا –فعليا- ينضفوا دماغهم و بالتالى أجسادهم مع حقبات متلاحقة بدئت بعصر النهضة و التنوير و الحداثة إلخ.
فكرة ان التغيير احسن حل و ان كل مايدعو للاختلاف مقبول بقت هى الرائجة اعتمادا على امثلة سابقى زى اللى ذكرتها. بس هل دايما الاختلاف و التغيير صح؟؟؟ ولا هل كان فيه أشياء و ثوابت و قيم انهارت بسبب التغيير؟؟؟؟
بالمنطق، لو كل تغيير حصل للبشرية من مئات السنين كان للأفضل، طيب ليه دالوقتى فيه مجاعات و حروب و فساد و زيادة فى معدلات و أنواع الجرائم و عنصرية و عدم تقبل للأخر و قتل و سجن و تصفية...إلخ؟؟؟
 و لو التغيير شئ سئ، ليه كان كويس فى أمثلة كثيرة منها تحرير العبيد فى أمريكا و إعطاء حق التصويت للمرأة فى الغرب ثم فى الشرق؟؟؟ و ليه كان كويس لما اتكونت أغلب النقابات العمالية اللى طالبت بقوانين جديدة و تغيير قوانين قديمة علشان تحافظ على حقوق العمال و أصحاب الحرف؟؟


... للحديث بقية

No comments:

Post a Comment